تقع الجرائم بين فترة وأخرى ولا رادع لإيقافها ، فقد عرفتها البشرية من أول خلقها أما لجانب نفسي أو جانب مادي و من أوائل النزاع الجريمة الأولى المنقولة لنا عبر التاريخ قصة هابيل وأخيه "القاتل" قابيل ،أنتهي الأمر بدفن جثة المقتول وحصول القاتل على الغنائم ولم تَرْدَع تلك الجريمة منذ ذلك التاريخ ولم تذكر محاسبتها أو معاقبتها ، فبات الأمر منقولاً أجيال بعد أجيال بجرائم قتل متنوعة الأسباب والأفكار والظروف إلى أن يأتي يوم يكثر فية الهرج بين الناس فلا يعرف المقتول ما هو الذنب المقتول بسببه ولا يعرف القاتل العذر الذي بسببه قتل .
مقالنا يكمن بحالة "كثرة الشهود "على جريمة كما حدث مع المغدور فيه العسكري الرشيدي فهناك مشكلة ما بكثرة الشهود إذ تتوزع مسؤولية المساعدة عليهم جميعًا، فيتكاسل المرء عن المساعدة.
التاريخ مليء بالتجارب والأحداث منها الضجة الكبيرة التي أثارها حادث موت كاثرين في 14/ 3/ 1964 الحادث المؤسف كان على مريء 37 شاهد ينظرون إلى الجريمة منذ بداية وقوعها واغتصاب المجني عليها بمشهد زاد عن نصف ساعة دون أي تصرف من المشاهدين ال 37 ولم يتحرك فيهم أحد، وبقوا ساكنين مشاهدين الحدث بكل تفاصيله لمدة نصف ساعة إلى أن أحدهم أبلغ الشرطة بعد أن فارقت تلك الفتاة الحياة ذلك الحادث المؤسف أشعلت فضول اثنين من علماء علم النفس في نيويورك، «بيبي لأتان» و «جون دارلي». كأنا باحثَين صغيري السن مليئين بالحماس، خصوصًا أن صدى تجربة مليغرام الشهيرة عن طاعة السُّلطات كان يدوي في الهواء ،علم النفس الاجتماعي وقتها بدأ نجمه يعلو، وصار مجالًا يغري الجميع بدخوله وترك بصمتهم فيه بشكل أو بآخر ، درس لأتان ودارلي تفاصيل الحادث معًا، وقرءا شهادات الشهود وتعليقاتهم، وقدما التفسير الأغرب:
" ربما كانت كاثرين لتظل حية لو كان عدد أقل من الشهود موجودًا وقتها " أي أن كثرة الشهود سبب مباشر لترك الجاني يستكمل جرائمه..!!
قدم الباحثان إلى العالَم نظريتهما عن «تأثير المتفرج»، وهي نظرية تقترح ببساطة أن احتمالية مساعدة من يتعرض لخطر ما تتناسب عَكْسِيًّا مع عدد الشهود على ما يحدث، ويرجع هذا إلى سببين:
1. كثرة الشهود، إذ تتوزع مسؤولية المساعدة عليهم كلهم، فإن كان الجميع يشهدون ما يحدث، «لماذا عليَّ أنا بالذات المساعدة؟».
2. الجهل الجمعي (Pluralistic Ignorance)
هذه فكرة مهمة ومحورية في علم النفس الاجتماعي، وتعيدنا إلى الحديث عن موضوعنا الرئيسي مرة أخرى قد ترى فتاة يبدو على وجهها القلق وتتحرك في زحام حافلة ! وقد تشاهدها ولا تعرف أنها أما أن تكون تتعرض للتحرش ! ثم تبدأ الأفكار بالتفكير بأنها قلقة نتيجةً للجو الخانق وضيق الحافلة؟ ربما هي متأخرة عن موعد ما وقلقة مثلًا؟
فالسؤال هل ستذهب إليها وتسألها عمَّا يضايقها؟
الإجابة طبعاً لا لا لا، ..!
ستكون الأحمق الوحيد الذي يفعل ذلك
أنظر كل من حولك بالحافلة ؟ لا أحد يبدو عليه أنه يرى شيئًا خاطئًا غيرك ، الجميع بالحافلة يبدون واثقين ممَّا يرون، فاهمين كل ما يحدث ، سيسخرون منك عندما تسألها بمنتهى الغباء إن كان يحدث ما يضايقها ، ولربما اعتبروك أنت المتحرش ..
لا تفعل شيئًا،
قف ثابتًا،
ضع على وجهك قناع الذكاء وعدم المبالاة حتى لا يعرف الآخرون أنك بهذا الغباء، انشغل بالعبث في هاتفك
يدور هذا الحوار في عقلك كلما شهدت واقعة مشابهة، أو قرأت مشهد أو شاهدت تغريدة وتتخذ قرارك معتقدًا أنك ذكي بما يكفي للوصول إليه بناءً على عملية تفكير منطقية ذكية راجعة إلى مهاراتك الاجتماعية العالية التي حمتك من لحظة إحراج قاسية لكنك لم تفكر أبدًا أن كل الذين حولك في كل المحافل سواء بوسائل السوشل ميديا أو بأماكن التجمعات وغيرها المزدحمة ، لم تفكر بأنهم يمرون بنفس سلسلة الأفكار التي حسبتها أنت نتاجًا خاصًّا لعقلك المميز، الجميع حولك، مثلك، يرون شيئًا خطأً يحدث، لكن أحدًا ليس متأكدًا من ذلك، فيبحث عن الدليل على حدوثه في تصرفات الآخرين، مع المحافظة على تصرفاته الشخصية هادئة جامدة لا تعبِّر عن شيء من توتره الداخلي ، حفاظًا على مظهره الاجتماعي.
النتيجة أن الجميع يبدون غير مهتمين بما يحدث، والجرائم تستكمل والمجرم يتوسع بالأداء ويزيد بالمهارة.. ونحن نعيش بحالة النعت بالحمق بسبب التدخل ولقد مررنا لتونا، وكل أولئك المحيطين بنا بتجربة «الجهل الجمعي» في قضية دخول المجلس ، تركنا كل الجرائم الأصلية التي تمت قبلها وبدأنا نشير علي التصرف في دخول المجلس ، كانت مغامرة السؤال أو الدفاع أو منع الجريمة من قبل الذين دخلوا المجلس نتيجتها مؤسفة، إذا صدر الحكم بسبب التصرف وليس الجريمة والانتهاكات التي تمت، استمتع الغاصب بغنائمه وفرصته واستمر أصحاب الجرائم القانونية المنظمة يشيرون ويحرجون كل متصرف بالنعت بأنه أحمق أو متهور أو جاهل لا يعلم، واختزلوا آراء الناس والمفكرين واجتهدوا بمنع الحقوق الأصلية ووضعوا الحواجز التي من بقفزها لينال حقه يتعرض للمساءلة ما لم يمر علي صك القبول بفتح الحاجر ..
نحن لا نقابل الصنيعة الفاسدة بمثلها فنكون معهم سواء في الخطيئة
قال تعالي في سورة المائدة الآية 28،29 :
لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلك إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبّ الْعَالَمِينَ ، إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ اَلنَّار وَذَلِكَ جَزَاء اَلظَّالِمِينَ
صدق الله العظيم ..
كتب في 8 / 7 / 2021
علي ذكري حكم دخول المجلس في 8 / 7 / 2018
الكاتب
سالم علي ناصر الشريع
السبت، 10 يوليو 2021
"الجهل الجمعي " بين القاتل والمقتول ..
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)